بسم الله الرحمن الرحيم
قال عائض القرني في خطبة جمعه :
والذي نفسي بيده لقد خرج في الجزائر في يوم واحد سبعمائة ألف امرأة مسلمة متحجّبة يطالبن بتحكيم شرع الله .
النقد :
يا لها من مصيبة حين يهون عليك اسم الله فتقسم به على عدد وهميّ خياليّ ، و تقسم على قضيّة خاسرة دنيا وأخرى ، أفي المظاهرة الموروثة من الكفار والشّيوعيّين يبذل اسم الله الأعظم ؟ ألم يقل الله : { ولاَ تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدتُمْ عَن سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } ؟ أبأمّة انقرض ذكورها حتى خرج إناثها تفتخر ـ أيّها الخطيب ؟ ! ـ أبالخروج من البيت تحكم المرأة بشرع الله ؟ أليس في شرع الله قول الله عزّ وجلّ : { وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهِلِيَّةِ الأُولَى } ؟ ! كان عليك أن تقول لهن : ابدأن بأنفسكنّ فحكّمن الشرع ، ثم طالبن غيركنّ بذلك بالطريق المشروع . أم أنّ السياسة الوضعيّة لم تترك لك مجالاً ـ أيها الخطيب ! ـ ولا لمن افتخرتَ به لتفكّروا في حدود الشرع ؟
لقد خرجت عائشة رضي الله عنها يوم الجمل فلم يحمدها عليه الصّحابة ولا هي حمدت فعلها ، فقد قال ابن حجر : " وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن أبي يزيد المديني قال : قال عماربن ياسر لعائشة لمّا فرغوا من الجمل : ما أبعد هذا المسير من العهد الذي عهد إليكم يشير إلى قوله تعالى : { وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ } ، فقالت : أبو اليقظان ؟ قال : نعم ! قالت : والله ! إنّك ما علمتُ لقوّالٌ بالحق ، قال : الحمد لله الذي قضى لي على لسانك .
قلت :
أما بلغكَ أنّ عائشة رضي الله عنها كانت تبكي على خروجها هذا بكاء شديدا ؟ فعن قيس بن حازم قال : لمّا أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلا فنبحت الكلاب ، فقالت : أيّ ماء هذا ؟ قالوا : ماء الحَوْأب ، قالت : ما أظنني إلا راجعة ، فقال بعض من كان معها : بل تقدمين فيراكِ المسلمون فيصلح الله ذات بينهم ، قالت : إنّ رسول الله قال لها ذات يوم : كيف بإحداكنّ تَنْبح عليها كِلاب الحَوْأَب . رواه أحمد وابن حبّان وصحّحه هو والحاكم والذّهبيّ وابن كثير وقال ابن حجر : وسنده على شرط الصحيح ، وقال الألبانيّ : إسناده صحيح جدّا .
فتأمّل قوله : فيراكِ المسلمون فيصلح الله ذات بينهم ، وما بين هذه النيّة ونيّة المتظاهرات في أن يراهنّ النّاس فيتشجّع بهنّ المؤمنون ويتصاغر المجرمون في زعمهنّ ، مع الفرق الواضح بين فعل عائشة هذا الذي لم تبتغ به سوى الإصلاح بين أبنائها المؤمنين وحقن دمائهم ، وبين فعل المتظاهرات الداخلات في السياسة .
وقال الزيلعي : وقد أظهرتْ عائشة الندم ، كما أخرجه ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب عن ابن أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق قال : قالت عائشة لابن عمر : يا أبا عبد الرحمن ! ما مَنعَك أن تنهاني عن مسيري ؟ قال : رأيتُ رجلا غلب عليكِ ـ يعني ابن الزبير ـ فقالت : أمَا والله لو نهيتني ما خرجْتُ .
قال الذهبي : وذكره، ثم ذكر رواية أخرى منه فيها أن خروجها هذا جعلها تعدل عن تَحديث نفسها بالدفن في حجرتها كما كانت تأمل ، فعن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال : قالت عائشة وكانت تُحَدِّث نفسها أن تُدفن في بيتها ، فقالت : إني أَحْدَثتُ بعد رسول الله حَدَثاً ، ادفنوني مع أزواجه ، فدُفِنَت بالبقيع رضي الله عنها .
قال الذهبي : قلت : تعني بالحدَث مسيرها يوم الجمل ، فإنها ندمَت ندامة كلية وتابت من ذلك ، على أنها ما فعلت ذلك إلا متَأوِّلة قاصدة للخير ، كما اجتهد طلحة بن عبدالله والزبير بن العوام وجماعة من الكبار ، رضي الله عن الجميع .
ولا تنس أنّ عائشة أمٌّ للمؤمنين جميعا ، فأين هؤلاء منها ، ولذلك روى البخاريّ عن أبي مريم عبد الله بن زياد الأسديّ قال : لمّا سار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة بعث علي عمار بن ياسر وحسن بن علي فقدِما علينا الكوفة فصعدا المنبر ، فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه ، وقام عمار أسفل من الحسن فاجتمعنا إليه ، فسمعت عمّارا يقول : إنّ عائشة قد سارت إلى البصرة ، والله إنّها لزوجة نبيّكم في الدنيا والآخرة ، ولكنّ الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلمَ إيّاه تطيعون أم هي ؟ .
ورحم الله زمانا كان أهله يستنبطون حكم الله في المسائل السياسية بمجرد دخول النساء فيها ويجزمون بفسادها ولو كان فيها أمّ المؤمنين ، فقد روى البخاري أيضا عن أبي بكرة قال : لقد نفعني الله بكلمة سمعتُها من رسول الله ، أيام الجمل بعد ما كدتُ أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم ، قال : لما بلغ رسولَ الله أن أهل فارس قد ملَّكوا عليهم بنت كسرى قال : لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة .
كتاب مدارك النظر للشيخ السلفي عبد المالك رمضاني 416
Saturday, April 23, 2011
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment