Sunday, November 14, 2010

ـ الموطن الثالث:

قال الشيخ الميلي رحمه الله في (ص361): ((زيارة التبرك: السابع: التبرك، وهذا لا ينبغي إطلاق القول فيه بانه مشروع أو مبتدع حتى يعلم مراد الزائر من التبرك؛ فإن أراد الإنتفاع في قبول الدعاء، او زيادة ثواب الطاعة ولم يرتكب في زيارته مخالفة للشرع كان غرضه مشروعا معقولا، كما بيناه في الفصل الحادي عشر، وهذا القبر الشريف لا يقصد من زيارته اكثر من ذلك، ففي ((الشفاء)) لعياض: قال مالك في رواية ابن وهب: إذا سلم على النبي صلى الله عليه و سلم ودعا يقف ووجهه إلى القبر الشريف لا على القبلة، ويدنو ويسلم، ولا يمس القبر بيده، وقال في ((المبسوط)): ((لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه و سلم يدعو، ولكن يسلم و يمضي))، وقال ابن عاشر:
وسر لقبر المصطفى بأدب..ونية تجب لكل مطلب
سلم عليه ثم زد للصديق..ثم إلى عمر نلت التوفيق
واعلم بأن ذا المقام يستجاب..فيه الدعاء فلا تمل من طلاب
وإن أراد به الانتفاع بالمزور أو المزار في قضاء الحاجات من غير أسبابها المعتادة و طرقها الظاهرة فهو من نسبة التصرف في الكون للمخلوق، وذلك شرك بواح، قال في ((زاد المعاد)): (( وكان هديه صلى الله عليه و سلم ان يقول و يفعل عند زيارته من جنس ما يقوله عند الصلاة عليه من الدعاء و الترحم و الاستغفار، فأبى المشركون إلا دعاء الميت، والإشراك به، و الغقسام على الله به، وشؤاله الحوائج، و الاستعانة به، و التوجه إليه، بعكس هديه صلى الله عليه و سلم؛ فإنه هدي توحيد و إحسان إلى الميت، وهدي هؤلاء شرك و إساءة إلى نفوسهم وإلى الميت)) (1/146).))، انتهى ما ذكره الشيخ الميلي.
أقول وبالله التوفيق:
في كلام الشيخ الميلي نظر من وجوه:
الوجه الأول:
فات الشيخ الميلي رحمه الله الإشارة إلى تتمة كلام ابن القيم، كما صنع في نقله لكلام الراغب السابق في مووضع المحبة حيث وضع نقاطا تدل على كلام محذوف لم ير نقله.
وغليك بقية كلام ابن القيم؛ فإن فيه زيادة بيان، قال رحمه الله: (( وهم ثلاثة أقسام: غما أن يدعوا الميت، او يدعوا به، أو عنده، ويرون الدعاء عنده أوجب و أولى من الدعاء في المساجد، ومن تامل هدي رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه تبين له الفرق بين الأمرين ، وبالله الوتفيق)) انتهى.
فقول ابن القيم رحمه الله: ((أو عنده)) يشمل الصورة التي أجازها الشيخ الميلي رحمه الله وهي دعاء الزائر لنفسه عند القبر.
والحاصل أن الشيخ الميلي رحمه الله نقل من كلام ابن القيم ما ينطبق على من قصد الانتفاع بالمزور أو المزار في قضاء الحاجات فقط، ولم ينقل الصورة السابقة؛ لأنه يخالف ابن القيم فيما ذهب إليه رحمه الله، و الصواب ما ذكره ابن القيم، كما سيأتي بيانه.
الوجه الثاني:
قول الشيخ الميلي رحمه الله: (( فإن أراد الانتفاع في قبول الدعاء، أو زيادة ثواب الطاعة ولم يرتكب في زيارته مخالفة للشرع كان غرضه مشروعا معقولا، كما بيناه في الفصل الحادي عشر، وهذا القبر الشريف لا يقصد من زيارته أكثر من ذلك)) انتهى.
وذلك الكلام غير صحيح؛ لأنه لم يرد في الكتاب ولا في السنة ولا من فعل الصحابة أن قبر النبي صلى الله عليه و سلم-فضلا عن غيره-يستجاب عنده الدعاء، أو يزاد في ثواب الطاعة، قال ابن تيمية رحمه الله في كتاب ((قاعدة جليلة في التوسل و الوسيلة)) (ص34): ((و أما الزيارة البدعية فهي التي يقصد بها أن يطلب من الميت الحوائج، أو يطلب منه الدعاء و الشفاعة، أو يقصد الدعاء عند قبره لظن القاصد أن ذلك أجوب للدعاء؛ فالزيارة على هذه الوجوه كلها مبتدعة لم يشرعها النبي صلى الله عليه و سلم، ولا فعلها الصحابة، لا عند قبر النبي صلى الله عليه و سلم، ولا عند غيره، وهي من جنس الشرك و أسباب الشرك)) انتهى.
وقال أيضا مبينا حكم الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه و سلم كما في ((مجموع الفتاوى)) (26/147): (( ولا يقف عند القبر للدعاء لنفسه، فإن هذا بدعة، ولم يكن أحد من الصحابة يقف عند قبر يدعوا لنفسه، ولكن كانوا يستقبلون القبلة، ويدعون في مسجده صلى الله عليه و سلم)) انتهى.
والحاصل أن من قصد قبر النبي صلى الله عليه و سلم او غيره ظانا أنه يستجاب عنده الدعاء، او يزاد في أجر طاعته فقد ابتدع في الدين ما ليس منه، وهو يحوم حول حمى الشرك، يوشك امن يقع فيه، والعياذ بالله.
الوجه الثالث:
قول الشيخ الميلي رحمه الله : (( ففي ((الشفاء)) لعياض: قال مالك في رواية ابن وهب: إذا سلم على النبي صلى الله عليه و سلم ودعا يقف ووجهه إلى القبر الشريف لا على القبلة، ويدنو ويسلم، ولا يمس القبر بيده))
والظاهر أن الشيخ الميلي رحمه الله ذكر كلام مالك هنا ليستدل به على جواز دعاء الزائر لنفسه عند قبر النبي صلى الله عليه و سلم، ويدل على هذا ذكره بعد ذلك البيت أبيات ابن عاشر ، كما في البيت الأول و الأخير ، حيث قال:
وسر لقبر المصطفى بأدب..ونية تجب لكل مطلب
واعلم بأن ذا المقام يستجاب..فيه الدعاء فلا تمل من طلاب
وفي هذه البيات جواز الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه و سلم، وهو مقام يستجاب فيه الدعاء.
وقد أزال ابن تيمية رحمه الله اللبس الواقع في كلام مالك في ((مجموع الفتاوى)) (1/231) بقوله : ((قال أبو الوليد الباجي: ((وعندي أن يدعو للتبي بلفظ الصلاة، ولابي بكر و عمر بلفظ السلام؛ لما في حديث ابن عمر رضي الله عنه من الخلاف))، قال ابن تيمية: وهذا الدعاء يفسر الدعاء المذكور في رواية ابن وهب، قال مالك في رواية ابن وهب: (( إذا سلم على النبي ودعا يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة، ويدنو ويسلم، ولا يم القبر)) فهذا هو السلام عليه و الدعاء له بالصلاة عليه كما تقدم تفسيره)) انتهى.
وقد نقل عياض في ((الشفا)) (2/88) : (عن ((المبسوط)) للقاضي اسماعيل بن اسحاق المالكي رواية أخرى عن مالك، قال: لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه و سلم فيصلي عليه، (ويدعو لابي بكر و عمر رضي الله عنهما)) انتهى.
فظهر أن مالكا قصد بقوله السابق ((ودعا)) أي الدعاء للنبي صلى الله عليه و سلم ولصاحبيه رضي الله عنهما لا دعاء الزائر لنفسه، وليت الشيخ الميلي رحمه الله ذكر هذه الرواية هنا كما نقل الروايتين السابقتين من ((الشفا)) من الموطن نفسه، مع ما في هذه الرواية من بيان المراد بالدعاء المجمل في رواية ابن وهب.
وأما قول مالك الذي في ((المبسوط)): ((لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه و سلم يدعو، ولكن يسلم و يمضي فقد عزا ابن عبد الهادي في ((الصارم المنكي)) (ص179) هذا النص على ((المبسوط)) بلفظ أتم عن مالك، قال: ((لا أرى أن يقف الرجل عن قبر النبي صلى الله عليه و سلم يدعو ولكن يسلم على النبي صلى الله عليه و سلم وعلى أبي بكر و عمر ، ثم يمضي، وقال مالك ذلك، لان هذا هو المنقول عن ابن عمر أنه كان يقول: ((السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر ، السلام عليك يا أبت أو يا أبتاه، ثم ينصرف ولا يقف يدعو)) فرأى مالك ذلك من البدع)) انتهى.
وقد مالك بقوله : ((ولا يقف يدعو)) منع الزائر من الدعاء لنفسه عند قبر النبي صلى الله عليه و سلم وهذا أقر به بعض القبوريين ممن يجيز الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه و سلم بل يجيز الاستغاثة به، وهو أبو بكر الحصني الدمشقي حيث قال في كتاب ((دفع شبه من شبه وتمرد ونسب ذلك على السيد الجليل الإمام أحمد)) (ص115) [4]: ((وأما الدعاء عند القبر فقد ذكره خلق ومنهم الإمام مالك وقد نص على أنه يقف عند القبر و يقف كما يقف الحاج عند البيت للوداع و يدعو..وقال مالك في رواية وهب بن منبه: ((إذا سلم على النبي ودعا يقف وجهه على القبر لا إلى القبلة و يدعو و يسلم ولا يمس القبر بيده)) نعم في ((المبسوطة)) : ((ولا أرى انه يقف عنده و يدعو ولكن يسلم و يمضي))، وإنما ذكرت كلام ((المبسوطة))؛ لأن من حق العالم الذي يؤخذ بكرمه أن يذكر ما له وما عليه؛ لان ذلك من الدين)) انتهى كلام الحصني.
فزعم أن رواية ابن وهب له، ورواية ((المبسوط)) عليه، والحق أن كلا الروايتين عليه.
الوجه الرابع:
قول الشيخ الميلي: ((كما بيناه في الفصل الحادي عشر))، يعني به قوله في (ص153): (( ثم التبرك حيث أثبت في روايات الإثبات، فإن المقصود منه طلب الزيادة في ثواب الطاعة، قال الباجي: في ((المنتقى)) موجها إعلامه صلى الله عليه و سلم لأمته بقصة وادي السرر: ((و غنما أعلم بذلك صلى الله عليه و سلم فيما يظهر إلي-والله أعلم-لفضل الذكر عنده[5] لمن مر بها، ورجاء إجابة الدعاء، وتنزل الرحمة عندها)).
علق عليه الشيخ الميلي بقوله: ((و التبرك على هذا الوجه عندي معقول؛ لأن ذكرى الأنبياء و الصالحين ورؤية آثارهم مما يزيد الموحدين خشوعا وتعريفا بتقصيرهم في طاعة خالقهم، فتخلص بذلك عبوديتهم لله تعالى، وحينئذ تكون الإثابة على عبادتهم أسمى، وقبول دعائهم أرجى و طمعهم في تنزل الرحمة أقوى، وروايات نفي التبرك غير معارضة لروايات إثباته بهذا المعنى؛ لأن النافين إنما يقصدون الاحتياط على عقائد العامة ان تزيغ كما سبق في توجيه مخاطبة عمر رضي الله عنه للحجر الأسود، وأنه قطع الشجرة خوف الفتنة، وأنه حذرهم أن يهلكوا بتتبع الآثار هلاك أ÷ل الكتاب...
والذي تفيده النقول في مجموعها إثباتا و نفيا و توجيها: أن التبرك مشروع مقيد بقيود:
احدها أن يكون التبرك بفعل طاعة مشروعة [6]، كصلاة، ودعاء، ورجاء القبول، وزيادة الأجر؛ لا بحمل تراب أو بخور و غيرهما من أجزاء المكان المتبرك به، أو الأشياء الموضوعة فيه...
ثانيها: أن لا يحمل المتبرك غيره على التبرك، ولا أن يدعوه غليه، فلا ينصب شيء للعموم يتبركون به[7].
ثالثها: أن يتفق له المرور بمكان التبرك، لا أن يقصد إليه من بعيد و يقتحم السفر من أجله.
رابها: أن يكون من المعرفة بدينه [8] بحيث لا تضله خطرات النفس، ولا نزغات الشيطان، لا أن يكون ضعيف الإيمان قليل المعرفة)).
وقال أيضا في (ص358): (( وقد تقدم في الفصل الحادي عشر حديث السرحة التي سر تحتها سبعون نبيا، وزيارة النبي صلى الله عليه و سلم لقباء راكبا و ماشيا يصلي فيه ركعتين، وذلك يدل لمشروعية زيارة الأمكنة الفاضلة من غير سفر)).
أقول و بالله التوفيق:
ذهب الشيخ الميلي فيما سبق إلى جواز البرك بقبر النبي صلى الله عليه و سلم و توسع هنا فجوز التبرك بآثار الأنبياء و الصالحين.
وفي كلامه نظر من وجوه:
الوجه الأول: الصواب عدم جواز التبرك بآثار الأنبياء و الصالحين؛ لما تقدم ذكره في مسألة التبرك بقبر النبي صلى الله عليه و سلم، و أضيف هنا ما قاله ابن تيمية رحمه الله في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (2/694): ((من قصد بقعة يرجو الخير بقصدها، ولم تستحب الشريعة ذلك، فهو من المنكرات وبعضه أشد من بعض، سواء كانت البقعة شجرة أو غيرها، أو قناة جارية، أو جبلا، أو مغارة، وسواء قصدها ليصلي عندها، أو ليدعو عندها، أو ليقرأ عندها، أو ليذكر الله سبحانه عندها، أو لينسك عندها، بحيث يخص تلك البقعة بنوع من العبادة التي لم يشرع تخصيص تلك البقعة به لا عينا ولا نوعا)) انتهى.
وقال أيضا في ((مجموع الفتاوى)) (27/503-504): ((لم يشرع الله تعالى للمسلمين مكانا يقصد للصلاة إلا المسجد، ولا مكانا يقصد للعبادة إلا المشاعر، فمشاعر الحج، كعرفة و مزدلفة و منى تقصد بالذكر و الدعاء و التكبير لا الصلاة، بخلاف المساجد، فإنها هي التي تقصد للصلاة، وما ثم مكان يقصد بعينه غلا المساجد و المشاعر، وفيها الصلاة و النسك...وما سوى ذلك من البقاع فإنه لا يستحب قصد بقعة بعينها للصلاة ولا للدعاء ولا الذكر، إذ لم يأت في شرع الله و رسوله قصدها لذلك، وإن كان مسكنا لنبي أو منزلا أو ممرا؛ فإن الذين أصله متابعة النبي صلى الله عليه و سلم وموافقته بفعل ما امرنا به و شرعه لنا و سنه لنا، ونقتدي به في أفعاله التي شرع لنا الإقتداء به فيها، بخلاف ما كان من خصائصه، فأما الفعل الذي لم يشرعه هو لنا، ولا أمرنا به، ولا فعله فعلا سن لنا أن نتأسى به فيه، فهذا ليس من العبادات و القرب، فاتخاذ هذا قربة مخالفة له، وما فعله من المباحات على غير وجه التعبد يجوز لنا أن نفعله مباحا كما فعله مباحا، ولكن هل يشرع لنا أن نجعله عبادة و قربة؟ فيه قولان كما تقدم، وأكثر السلف و العلماء على انا لا نجعله عبادة و قربة، بل نتبعه فيه، فإن فعله مباحا فعلناه مباحا، وإن فعله قربة فعلناه قربة)) انتهى.
الوجه الثاني: لم يتحر الخلفاء الراشدون ولا غيرهم من الصحابة رضي الله عنهم الصلاة أو الدعاء أو الذكر في الأماكن التي صلى فيها النبي صلى الله عليه و سلم فضلا عن الأماكن التي نزل فيها للراحة و نحوها، وهم أعلم الناس بسنة النبي صلى الله عليه و سلم وأسبقهم للخير، فدل ذلك على عدم جواز التبرك بآثاره صلى الله عليه و سلم ولا بآثار غيره من باب أولى.
الوجه الثالث: ما ورد عن عمر ري الله عنه من النهي عن ذلك، فعن المعرور بن سويد قال : ((خرجنا مع عمر ابن الخطاب، فعرض لنا في بعض الطريق مسجد، فابتدره الناس يصلون فيه، فقال عمر: ما شأنهم؟ فقالوا: هذا مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقال عمر: أيها الناس، إنما هلك من كان قبلكم بإتباعهم مثل هذا، حتى أحدثوها بيعا، فمن عرضت له فيه صلاة فليصل، ومن لم تعرض له فيه صلاة فليمض)) [9]، علق عليه ابن تيمية بقوله: ((لما كان النبي صلى الله عليه و سلم لم يقصد تخصيصه بالصلاة فيه، بل صلى فيه؛ لأنه موضع نزوله، رأى عمر أن مشاركته في صورة الفعل من غير موافقة له في قصده ليس متابعة، بل تخصيص ذلك المكان بالصلاة من بدع أهل الكتاب التي هلكوا بها، ونهى الملمين عن التشبه بهم في ذلك، ففاعل ذلك متشبه بالنبي صلى الله عليه و سلم في الصورة، ومتشبه باليهود و النصارى في القصد، الذي هو عمل القلب، وهذا هو الأصل، فإن المتابعة في السنة ابلغ من المتابعة في صورة العمل)) [10].
وجاء عمر رضي الله عنه أيضا انه بلغه أن ناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه و سلم فأمر بها فقطعت [11].
وقد كره مالك و غيره من علماء المدينة إتباع آثار النبي صلى الله عليه و سلم، قال ابن وضاح القرطبي في ((كتاب البدع)) (ص91) : (( وكان مالك بن أنس و غيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد و تلك الآثار للنبي صلى الله عليه و سلم ما عدا قباء و أحدا)).
الوجه الرابع: التبرك عبادة و العبادات توقيفية، ولم يرد دليل صحيح صريح في التبرك بآثار الأنبياء عليهم السلام،ولا غيرهم، فيجب الإتباع وعدم الابتداع.
الوجه الخامس: أن التبرك بآثار الأنبياء و الصالحين ذريعة للشرك و الفتنة، فسد هذا الباب أمر مطلوب شرعا، ولهذا قطع عمر رضي الله عنه الشجرة التي كانت تحتها البيعة، ونهى عن تعمد الصلاة في المكنة التي كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ينزل بها في سفره [12].
والخلاصة أنه لا يجوز التبرك بآثار النبي صلى الله عليه و سلم ولا غيره من النبياء و الصالحين، والله أعلم [13].
ــــــ
حاشية[4]:وفي هذا الكتاب من الجهل و الظلم ما الله به عليم.
حاشية[5]:أي الشجرة التي وردت في حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ((إذا كنت بين الأخشبين من منى فإن هناك واديا يقال له السرر به (شجرة) سُرّ تحتها سبعين نبيا)) أورده الشيخ الميلي في (ص150) وذكر أن الزرقاني استدل به على التبرك بمواضع النبيين، وقد تبين محقق الكتاب الشيخ محمود-جزاه الله خيرا-ضعف هذا الحديث.
حاشية[6]:وهذا لا يكفي؛ لان الطاعة تكون مشروعة في مكان دون مكان، وزمان دون زمان، و الأصل في ذلك هو اتباع الرسول صلى الله عليه و سلم.
حاشية[7]:كيف يكون التبرك مشروعا ثم لا يدعو غيره إليه!!
حاشية[8]:من كانت له معرفة بدينه كان أشد احتياطا في تجنب وسائل الشرك، كما يبق بيانه في الوجه الرابع في مسألة التوسل بالنبي صلى الله عليه و سلم.
حاشية[9]:أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (7550)، و إسناده صحيح، كما قاله ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (1/281).
حاشية[10]: ((مجموع الفتاوى)) (1/281).
حاشية[11]:أخرجه ابن سعد في ((الطبقات)) (2/100) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (7545) وقال ابن حجر: في ((الفتح)) (7/448) : ((إسناده صحيح)).
حاشية[12]:أنظر : ((إغاثة اللهفان)) (1/368).
حاشية[13]:أنظر : ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (2/70-757) فإن فيه تفصيل القول في هذه المسألة.

No comments:

Post a Comment