يقول الشيخ / محمود بن رضا صالح المراد
في كتابه " ثوابت الدعوة من الكتاب والسنة ونقد كتاب الإختيار لأحمد ديدات " .
في ( ص 1 ) قال الشيخ محمود المراد :
" وعليه فإن الداعية الذي ينطلق من منطلقات مختلفة أو تجاوز ثوابت الدعوة ، فإنه يهوي بتجاوزه هذا في ظلمات الابتداع ، فكما تكون البدعة في أصل العمل تكون كذلك في المنهج والوسيلة . فإن اعتمد الداعية على التنـزيل أحسن وأصاب . وإن اعتمد على نفسه ، وكل إليها فضل وخاب .
لقد حوى هذا الكتاب الذي بين يديك ، اخي القارىء ، عددا من ثوابت الدعوة ونقداً لكتيبات أربعة لـ ( أحمد ديــــدات )
باللغة الانجليزية تدور حول إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من الانجيـل ، جمعها في مجلد سماه " الإختيــــــــــار "
ونظرا لما في هذه الكتيبات من تجاوزات وأخطاء في العقيـــدة
لا يحل السكوت عنها ، ونظراً لأن قراء هذه الكتيبات هم من الاعاجم الذين لايتكلمون العربية ،فقد رأيت أن من واجبي أن أبين مواطن الخلل في هذه الكتيبات لعل بياني هذا يكون معذرة الى ربي ، ولعل الذين يروجون هذه الكتيبات من اهل الخير بقصد حسن ، ودور النشر وباعة الكتب يعيدون النظر في ترويجهم لها .
وقال في ( ص 5 ) :
ظاهرة الحوار الديني
شاعت في الآونة الأخيرة ظاهرة الحوار الديني والمناظرات مع النصارى ، وأخذت المطابع تقذف بغثائها حول هذا الموضوع بلا روية ، وركز كثير من القائمين على الدعوة جل اهتمامهم على دراسة الانجيل لاستنباط أدلة من نصوصه تثبت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
فانتشرت الأناجيل بين أيدي الدعاة الأعاجم لا بواسطة المنصرين ولكن بواسطة من رفع لواء هذا الضرب من الدعوة ، فانشغلوا بحفظ مافي الإنجيل عن حفظ ما في القرآن ، وبأدلته عن أدلة القرآن ، فلم يبق للتوحيد حظ في دعوتهـــــم .
فبدلاً من أن يعطي المأمول إسلامه كتابا عن التوحيد ، يعطى كتيبات يؤكد مؤلفها إثبات
نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، من دين النصارى ، وانتشرت هذه الكتيبات في أيدي الدعاة والمدعوين فما التقيت بأحد ممن يوزعونها أو ممن يمولون توزيعها إلا وسألته أقرأها واطلع على ما فيها ورد علي بالايجاب ، ولو أنهم قرأوها وعرفوا ما فيها لما انتشرت في المكتبات أو بين المسلمين الجدد .
وقال أيضا في ( ص 5 ) :
اما المناظرات فلها شأن آخر ، فالمناظرة لغة أن يناظر الرجل رجلاً آخر في أمر اذا نظرا فيه معا كيف يأتيانه .
والمقصود بالمناظرة الدينية والسياسية مناقشة قضية عامة على ملأ من الناس بين طرفين ، مؤيد ومعارض يسعى كل طرف منهما لإقناع المستمعين بحجته ، فمن كان ألحن حجة من صاحبه هوت إليه أفئدة المستمعين بغض النظر عما إذا كان على حق أو باطل . فتفوق طرف على آخر لايعني بالضرورة إصابته الحق ، ومن هذه الحيثية فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من مغبة اللحن في الحجة من أجل إقناع الحاكم أو القاضي للحكم في صالحه لما ثبت في الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، فأقضي له على نحو ما أسمع منه ، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذ منه شيئاً فإنما أقطع له قطعة من النار ) . أخرجه البخاري ومالك وأبو داود ، الصحيحة 1162 .
فها هو النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي كان يأتيه الوحي من السماء ، يقضي بنحو ما كان يسمع من حجة فما بالك بمن دونه صلى الله عليه وسلم بآجال ؟ .
ثم إن هناك أمر آخر ينبغي التنبيه اليه ، وهو وجود عوامل خارجية تؤثر على المستمعين من الطرفين المتناظرين .
وقال في ( ص 6 ) :
ولكن المناظرات التي تجري بين مسلمين وكفرة يسعى فيها المناظر المسلم الغلبة على خصمه الكافر على مسمع من الحضور ليقنع الكافرين منهم بوجهة نظره .
فالمسلمون في غنى عن مناظرة أو غيرها لإقناعهم ، اذ ليسوا هم المستهدفون ، ولكن الكفرة هم المستهدفون ، ومن الطبيعي أن تميل قلوبهم مع أخيهم المناظر الكافر ، أضف الى هذا احتمال كون المناظر الكافر ألحن حجة من المناظر المسلم ، عندها لاتقتصر النتيجة على هزيمة المناظر المسلم امام الكافر فحسب ، بل تتجاوز ذلك الى تعزيز ايمان الكفرة بكفرهم وتمسكهم به ، وهذا بحد ذاته أحد الآثار السلبية التي تترتب على هذه المناظرات وكفى بهذا إثمـــاً .
وليكن معلوما من جهة اخرى ، ان من يدخل الاسلام بمناظرة نتيجة اتباع المناظر الألحن حجة ، قد يخرج منه بحجة ألحن ، وهذا خلاف من يدخل الاسلام بقناعته بعقيدة التوحيد ، فهذا تمسك بالعروة الوثقى ، وذاك تمسك بالحجة لو لقى .
كان من الممكن إعتبار هذه الظاهرة أمراً عارضاً لايستدعي الوقوف عنده لتحليل أو نقد علمي ، لولا أنها شغلت حيزاً في ساحة الدعوة أوسع مما تستحق ، ولولا أن كثيراً من الدعاة شغلوا بكتب النصارى عن طلب العلم الشرعي ، فلا هم إستفادوا ، ولا غيرهم أفادوا ، لا بل إن ثمة من القائمين على الدعوة من ينسب الى أهل " الإختصاص ! " من حصر همه في تعليم الدعاة كيفية مناظرة النصارى من الإنجيل ، فصار الإنجيل منطلق الدعوة وأساسها بدلاً من كتاب الله وعقيدة التوحيد ، وصارت نصوص الإنجيل هي التي يستشهد بها بدلاً من نصوص كتاب الله المنـزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
فلا حول ولا قوة الا باللــــــه .
وقال ايضا في ص 6 :
أهمية سلامة المعتقد والالمام بالنص
إن التخصص في مجال ما من مجالات الدعوة أمر محمود ، فمن انفرد بجانب من جوانبها وركز اهتمامه فيه بعد سلامة معتقده كان لدعوته أثر فعال ، أضف الى هذا حقيقة أن سلامة المعتقد وفهم النص القرآني ، والسنة المطهرة لغةً وفقهاً يحول بين الداعية وبين وقوعه في حيز التنازلات على حساب دينه ، ويربطه بالمنهج النبوي ويعينه على الإستدلال من التنـزيل وتفنيد دعاوى أهل الكتاب كما فعل شيخ الاسلام ابن تيمية حين أعد سفره العظيم " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح " فمن يحتج بمناظرة شيخ الاسلام لقسيس نصراني ، يقال له ان شيخ الاسلام لم يناظره شروعا ، وانما كتب سفره هذا رداً على كتاب ورد إليه من قبرص فيه احتجاج لدين النصارى ، لما يحتج به علماء دينهم من الحجج السمعية والعقلية ، ومع هذا فإن شيخ الاسلام رحمه الله كان حبر الأمة في عصره ، نهل من العلوم كلها ، وارتوى منها فكان له في كل منها باع طويل ، وقدم راسخة ، فشتان بينه وبين بعض مناظري هذا العصر .
وقال في ص 7 :
أزمة انعدام الثقة :
لهذه الأزمة عوامل نفسية جماعية كرسها واقع المسلمين في التاريخ المعاصر ، فالمسلمون اليوم مصنفون بين شعوب دول العالم الثالث لا أثر لهم على الساحة العالمية يداني أثر تلك الساحة عليهم ، وإن نظرة واحدة الى خارطة العالم السياسي تؤكد هذه الحقيقة ولامجال هنا للتفصيل ، وقد ترك هذا الواقع آثاراً سلبية على تفكير كثير من المسلمين ، فكان لهذا أثر على مواقفهم ، وأخص بالذكر منها المواقف الدعوية .
وكنتيجة حتمية لهذه السلبية في التفكير ، فقد البعض القناعة بأن الاسلام دين الحق ، فما ان تعتنق الاسلام شخصية معروفة ، أو رمز من رموز السياسة أو الفن ، أو غير ذلك سرعان ما يعطى مركز الصدارة في المؤتمرات والندوات ، ويحظى بمقابلة أكابر وأعيان البلد ، وإن طلب تبرعاً أعطي بسخاء ، وإن سأل حظوة نالها بلا عناء ، ليس هذا فحسب ، بل إنه يدعي للتكلم باسم الاسلام والمسلمين ، فلا يدري هذا المسكين ما عساه يقول ولم يمض على اسلامه ايام ، فيضطر لتحدث عن دوافع اسلامه المرة تلو المرة حتى يستهلك طاقته ، ويجف حلقه ، كما كان حال يوسف اسلام ـ المغني البريطاني سابقاً " كات ستيفن " ـ ، وروجيه جارودي الفرنسي ، وكاري ميللر القسيس الكندي ، وستيف جونسون الفيلسوف الامريكي .. وغيرهم
أين هم الآن ؟
هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ؟
رأيناهم كيف صعدوا ورأيناهم كيف هووا بنفس السرعة التي صعدوا فيها .
إن امثال هؤلاء أضعف من ان يتحمل الواحد منهم مسؤولية الدعوة الضخمة فالمسلم الجديد الذي لم يألف طبيعة الدعوة ولا الصبر عليها ، يفتقر الى أبسط مبادىء الاسلام سرعان ما يفقد قدرته على الاستمرار فلا بد والحال هذا من تقييم الداعية ومادته بمعيار الشرع ، لا بمعيار العاطفة والذوق ، أو العقل ، وأن لايرفع فوق منـــزلته وقدره .
Wednesday, June 1, 2011
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment